إذاعة محمود أبو السعد ( من مجموعة يوميات النبأ العجيب )

إذاعة محمود أبو السعد ( من مجموعة يوميات النبأ العجيب )
تثبت الأيام دائما ، أن محمود أبو السعد – مقيم الشعائر – عبارة عن مجموعة من المواهب المتحركة:
0فى داخل المسجد يمتعنا بصوته الرخيم ، مما يجعل الاذان والاقامة متعة حقيقية
0 اذا قضيت الصلاة تتبعه مواهبه ، فيصلح الابواب والنوافذ ، ولا بأس أن تستدعيه لتركيب السيراميك وأنابيب المياه!
أخيرا ولدت لديه موهبة جديدة ارتبطت بشراء مكبر للصوت وضع فوق المئذنة .
فى وقت قصير أصبح خبيرا فى تشغيله ، وتجويد صوته ، وتركيب وصلاته .
ابتكر له وظيفة أخرى، بحكم حاسة الابداع الكامنة فى أعماقه ، فانطلق صوته مبكرا يوقظ الناس :
- يا أولاد الحلال ، خروف صغير ضاع بالأمس من أخيكم جمعه الشحات ، تعرفون جمعه بالطبع ، المسكين الذى اشترى الخروف من ريقه وقوت صغاره !!
الخروف ضاع من جرن سعد عبد الوهاب ، شقيق شيخ الخفراء مصطفى عبد الوهاب . الخروف أحمر غامق ، به علامة بيضاء بجوار أذنه اليمنى ، والأجر والثواب من الله . جمعه يا اخوان غلبان ، لايملك ثمن سيجارة ، وحاله لايسر ،والله سبحانه يقول ( ان الله يأمركم أ ن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) ، ويقول أيضا ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) ، من وجد الخروف أو يعلم عنه شيئا يحضره هنا عندى ، أنا أخوكم محمود أبو السعد : مقيم الشعائر ، ومنشد الليالى ، أقوم باصلاح الغسالات ، والبوتاجازات ، و لصق السيراميك . ألو ألو ....احم احم . واحد ، اثنان ، ثلاثه .
فى صباح آخر صاح :
- يا أهل البلد الكرام ، محمود أبو السعد يناديكم ، الحاضر يعلم الغائب ، واليقظان يخبر النائم ، وصل الى الجمعية الاستهلاكية فى منتصف الليل ، ثلاثة أطنان دقيق .
انهضوا واحصلوا على حقوقكم ، قبل أن يبتلعها أعضاء الجمعية ، ألو ألو .. احم احم .
اذاعة محمود دخلت فى حياة الناس ، ينتظرون أخبارها بلهفة وترقب ، رغم أن ارسالها يتوقف على مزاج صاحبها ، فربما بدأ فجرا ، أو بعد الظهر!
تتجلى فى برامجه ملكاته الفطرية بوضوح ، وبات يعتبر نفسه مذيعا حقيقيا ، له كل الحقوق !احتلت اعلانات الموتى ركنا فسيحا ، كان له أسلوب خاص في جعل الناس يرهفون السمع أمام الأبواب !فاذا كان شابا ، يتهدج صوته :
بسم الله الرحمن الرحيم0 ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام )
( كل نفس ذائقة الموت وانما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور ) صدق الله العظيم
أيها المؤمنون ، الموت كأس ، وكل الناس شاربه ، فاستعدوا لهذااليوم العصيب ، ( يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم )
توفى الى رحمة الله تعالى فلان بن فلان ، ابن عم فلان وابن خالة فلان ، وزوج ابنة فلان ، الجنازة فى صلاة العصر ، فمن كان راغبا فليحضر ، وله من الله الأجر والثواب.
اذا كان شيخا فان الاذاعة تتسم بالهدوء وقلة الحديث :
( لو كانت الدنيا تدوم لكان رسول الله حيا وباقيا )
توفىاليوم الحاج فلان أو الشيخ فلان ، والد فلان وفلان ، وشقيق فلان وعلان ‘ والعزاء قاصر على تشييع الجنازة .
تعاظم جمهوره فى وقت قياسى ، واضطر بحكم الطلب المتزايد أن يعلن احترافه .فى يوم جمعة قبل بداية الصلاة ، اتهز فرصة التجمع ، وبدأ الارسال بالدعاية لبطاطس سهلة القلى ، تباع بسعر رخيص ، ثم مضى يعدد فوائدها للجسد !
شاءحظه العاثر أن يحضر مفتش الاوقاف ، فصممم على مجازاته ، وجعله يوقع تعهدا بعدم استخدام الجهاز فى غير أغراضه .
رآه الناس منكس الرأس ، انكمش فى المسجد مقتصرا على الاذان الشرعى ، دون اضافة لابتهالات أو استغاثات .
امتلأ المنزل بطلبات للنداء على مفقودات و أطفال و اعلانات عن موتى وسلع!
لم تتحمل أعصابه فلطم وشق هدومه وخرج هائما على وجهه . امتلأت البلدة كآبة وخواء وصمتا ، لم يعد أحد يعرف شيئا عما يدور ، سعوا اليه يبحثون عن مخرج ، وتحدثوا كثيرا ، كان صامتا ، تتخلق فى عقله أفكار كثيرة ، فى الفجر انتقى أنضجها ، فذهب الى دمنهور ، وعاد آخر اليوم بمكبر للصوت علقه على داره ، بدأ التجارب فورا ، فازداد الزبائن ، واستعجل الآخرون اعلاناتهم المتراكمة ، عاد يبتسم ن ويعد ، ويطمئن !
بعد صلاة الفجر استقبل الأثير النائم برنامجه الأول و قام الناس يقفون على الأبواب مبتسمين وهو يذيع من قلبه :
- ألو ألو .. احم احم اذاعة محمود أبو السعد تحييكم ، أهلا بكم من جديد ، بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه نستعين ، أخوكم ابراهيم الفار ابن الحاج أحمد الفارصاحب المقهى ، خرجت زوجته أمس غاضبة ، فمن وجدها أو يعرف عنها شيئا يحضر هنا عندى ، أنا أخوكم محمود صاحب الاذاعة المحلية ، ألو ألو ... احم احم ، واحد اثنان، ثلاثة .