عذاب المجئ .. موقع الدستور
صفحة 1 من اصل 1
عذاب المجئ .. موقع الدستور
قصة - سميرالمنزلاوى
ذات يوم حار طالت المسافة التي يقطعها جدي بين البلاد . وضع مقطف المحار بين ساقيه وجلس يجفف عرقه و يفرد ظهره. لاحظ أن النهار يعدو . هب قبل أن يولى . انتهت الطريق المجدبة بحائط مترب ، مغطى بشباك العناكب و أعشاش الأوابد التي تشقشق صغارها جوعا!
مرق من إحدى الفرج، فوجد نفسه في قرية كبيرة . وقف وسط السوق ونادي بصوته الرخيم الذي يشجى الناس والطيور. نفذ المحار في دقائق . تهيأ للعودة ظافرا ، لكنه سمع عراكا في أقصى الساحة!
نازعته نفسه المستطلعة أن يتريث ويدخل وسط كتل البشر.
ثمة عروس بفستان غريب من الورق ، لم ير له مثيلا . تبرق فيه نجوم ذهبية تعشى البصر. الطرحة ورقية أيضا ، مطعمة بصور الملائكة!
كانت تبكى بخفر بينما العريس المطربش والمسربل بالصوف التنيسى عائم في عرقه. أدرك بذكائه المأزق ، فباب الدار منخفض ، والعروس فارعة . شيخ القرية كان قد أصدر فتواه :
- لتذبح الفارعة أو تهدم الدار!
تقدم جدي بشجاعة مأثورة ونحى المقطف صاعدا فوق صخرة . وسط دهشة القوم ضغط على رقبة العروس فانحنت ، وهنا دفعها في ظهرها بعزمه ،لتتدحرج وسط الدار كالكرة!
تعالت الهتافات وقال شيخ القرية :
- أنت حكيم .
أمر أن يعطى منزلا وزوجة وبغلا وجراية من عشرين رغيفا منخولا،وثلاثين بيضة نيئة ، وزوجين من الدجاج ، وفخذ خروف مشوي ، ورطلين من ماء الورد ومثلهما من منقوع الزبيب، وأوقية شاي ناعم ، و عشر أوقيات من تمباك الشيخ الخام.
بعد أسابيع تملكه الشوق . صحبه خمسة من الأتباع ، يتقدمهم راكبا صهوة بغل لا يصهل ولا ينهق ولا يحدث أمام الناس! مأكولة اللوز والجوز وحب الرمان . وقف البغل المرفه أمام بابنا بلا إرشاد . خرج أبى و جدتي . سمعنا صلصلة الجرس في أذن الدابة . هز البغل رأسه ،فقال له جدي:
- هذه عائلتي يا قمر .عاود الصلصلة وابتسم !
كانت وراءه قافلة محملة بخيرات الله . بعد العناق والقبل رفض جدي النزول ، قال:
- سأزوركم في الربيع.
انصرم الربيع والصيف ولمحت جدتي الرياح تعول في الباب وتصفق على النوافذ وتسقط أوراق الشجر. قلقت ، و أعطت أبى مقطفا مليئا بالمحار . مرق من الفرجة وفى وسط القرية رأى أحد الأتباع .
جلس بجواره سائلا في لهفة:
- أين سيدك؟
انخرط الرجل في البكاء كالطفل ، صحبه إلى داره . حكي له كيف داهمت رائحة خبيثة أنف والده عند هبوب ريح الشمال!سار بتشمم متأذيا ، حتى وصل إلى وهدة متخمة بما يخرج من أمعاء الناس!
أصدر قرارا سريعا ( كنيف لكل منزل) .
كتب دليلا يعلق في الساحة ، به طريقة إقامته وتزويده بالمرافق والمياه والصرف وشرح مستفيض لطريقة الاستطابة والتجفيف بأوراق الموز!
تسور عليه البيت في اليوم التالي نفر وذبحوه من الوريد إلى الوريد .
استحلفه نائحا أن يريه القبر ليكمل البكاء ويترحم ، استغرب سائلا :
- ماذا تعنى يا ابن سيدي بالقبر؟
ثم قاده إلى شجرة كافور علقوا عليها جثة أبيه مقددة ومملحة.
رابط الخبر
http://www.dostor.org/924523
ذات يوم حار طالت المسافة التي يقطعها جدي بين البلاد . وضع مقطف المحار بين ساقيه وجلس يجفف عرقه و يفرد ظهره. لاحظ أن النهار يعدو . هب قبل أن يولى . انتهت الطريق المجدبة بحائط مترب ، مغطى بشباك العناكب و أعشاش الأوابد التي تشقشق صغارها جوعا!
مرق من إحدى الفرج، فوجد نفسه في قرية كبيرة . وقف وسط السوق ونادي بصوته الرخيم الذي يشجى الناس والطيور. نفذ المحار في دقائق . تهيأ للعودة ظافرا ، لكنه سمع عراكا في أقصى الساحة!
نازعته نفسه المستطلعة أن يتريث ويدخل وسط كتل البشر.
ثمة عروس بفستان غريب من الورق ، لم ير له مثيلا . تبرق فيه نجوم ذهبية تعشى البصر. الطرحة ورقية أيضا ، مطعمة بصور الملائكة!
كانت تبكى بخفر بينما العريس المطربش والمسربل بالصوف التنيسى عائم في عرقه. أدرك بذكائه المأزق ، فباب الدار منخفض ، والعروس فارعة . شيخ القرية كان قد أصدر فتواه :
- لتذبح الفارعة أو تهدم الدار!
تقدم جدي بشجاعة مأثورة ونحى المقطف صاعدا فوق صخرة . وسط دهشة القوم ضغط على رقبة العروس فانحنت ، وهنا دفعها في ظهرها بعزمه ،لتتدحرج وسط الدار كالكرة!
تعالت الهتافات وقال شيخ القرية :
- أنت حكيم .
أمر أن يعطى منزلا وزوجة وبغلا وجراية من عشرين رغيفا منخولا،وثلاثين بيضة نيئة ، وزوجين من الدجاج ، وفخذ خروف مشوي ، ورطلين من ماء الورد ومثلهما من منقوع الزبيب، وأوقية شاي ناعم ، و عشر أوقيات من تمباك الشيخ الخام.
بعد أسابيع تملكه الشوق . صحبه خمسة من الأتباع ، يتقدمهم راكبا صهوة بغل لا يصهل ولا ينهق ولا يحدث أمام الناس! مأكولة اللوز والجوز وحب الرمان . وقف البغل المرفه أمام بابنا بلا إرشاد . خرج أبى و جدتي . سمعنا صلصلة الجرس في أذن الدابة . هز البغل رأسه ،فقال له جدي:
- هذه عائلتي يا قمر .عاود الصلصلة وابتسم !
كانت وراءه قافلة محملة بخيرات الله . بعد العناق والقبل رفض جدي النزول ، قال:
- سأزوركم في الربيع.
انصرم الربيع والصيف ولمحت جدتي الرياح تعول في الباب وتصفق على النوافذ وتسقط أوراق الشجر. قلقت ، و أعطت أبى مقطفا مليئا بالمحار . مرق من الفرجة وفى وسط القرية رأى أحد الأتباع .
جلس بجواره سائلا في لهفة:
- أين سيدك؟
انخرط الرجل في البكاء كالطفل ، صحبه إلى داره . حكي له كيف داهمت رائحة خبيثة أنف والده عند هبوب ريح الشمال!سار بتشمم متأذيا ، حتى وصل إلى وهدة متخمة بما يخرج من أمعاء الناس!
أصدر قرارا سريعا ( كنيف لكل منزل) .
كتب دليلا يعلق في الساحة ، به طريقة إقامته وتزويده بالمرافق والمياه والصرف وشرح مستفيض لطريقة الاستطابة والتجفيف بأوراق الموز!
تسور عليه البيت في اليوم التالي نفر وذبحوه من الوريد إلى الوريد .
استحلفه نائحا أن يريه القبر ليكمل البكاء ويترحم ، استغرب سائلا :
- ماذا تعنى يا ابن سيدي بالقبر؟
ثم قاده إلى شجرة كافور علقوا عليها جثة أبيه مقددة ومملحة.
رابط الخبر
http://www.dostor.org/924523
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى