كتاب ( الامتاع والمؤانسة ) من كتب التراث العربى
صفحة 1 من اصل 1
كتاب ( الامتاع والمؤانسة ) من كتب التراث العربى
كتاب ( الامتاع والمؤانسة ) من كتب التراث العربى المفيدة والعميقة . مؤلفه هو الفيلسوف والأديب الاسلامى أبوحيان التوحيدى.
وهو ممن أصيبوا فى حياتهم بالبؤس وقلة الحظ ! فقد قصد الأمراء والوزراء والحكام ، يعرض عليهم أدبه وعلمه ، لعلهم يمنحونه مكافأة تغير شظف العيش الذى لازمه !لكن أحدا لم يعره التفاتا ، وعاش كما قال فى بعض كتبه على نحو أربعين درهما فى الشهر أى ما يساوى جنيها واحدا كما يقول الأستاذ أحمد أمين محقق الكتاب.
أصاب الرجل داء الاحباط القاتل ، وهو يرى من هم أقل منه يحظون بالمال والجاه !وأراد أن ينتقم من الناس ومن نفسه فأحرق كتبه كلها !وقال كأنه يدين العصر كله : انى جمعت أكثرها للناس ولطلب المثالة منهم ، ولعقد الرياضة بينهم ، ولمد الجاه عندهم ، فحرمت ذلك كله ، ولقد اضطررت بينهم بعد العشرة والمعرفة فى أوقات كثيرة الى أكل الخضر فى الصحراء ، والى التكفف الفاضح عند الخاصة والعامة ، والى بيع الدين والمروءة ، والى تعاطى الرياء بالسمعة والنفاق ، والى مالا يحسن بالحر أن يرسمه بالقلم ، ويطرح فى قلب صاحبه الألم . )
أدرك الرجل أن أحدا لا يستحق خلاصة فكره وعلمه وعبقريته ، فجعل أوراقه طعاما للنار .
قال السيوطى : ولعل النسخ الموجودة الآن من تصانيفه كتبت عنه فى حياته وخرجت من قبل حرقها .
ولم يبق فى الدنيا من كتب التوحيدى التى تبلغ العشرين ، الا القليل ، ولم يطبع منها الا :
المقابسات والصداقة والصديق ورسالة فى العلوم والامتاع والمؤانسة . ولم يكن حظ أبى حيان بعد وفاته ، بأحسن من حظه فى حياته ، فقد تعجب ياقوت الحموى فى معجم الأدباء من أن مؤرخى الرجال لم يترجموا للرجل ، مع انه فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة !
ولا توجد ترجمة وافية لحياته اللهم الا شذرات متفرقة وأخبارا لا تشفى الغليل !
أما كتاب الامتاع والمؤانسة فهو ضخم ، يقع فى ثلاثة أجزاء . ولتأليفه قصة ذكرها المؤلف فى المقدمة . فان أبا الوفاء المهندس كان صديقا لابن حيان ،وللوزير أبى عبد الله العارض ، فقرب أبو الوفاء أبا حيان من الوزير فسامره سبعا وثلاثين ليلة ، يطرح فيها الوزير أسئلة فيجيب عليها أبو حيان . ثم طلب منه أبو الوفاء أن يقص عليه كل ما دار بينه وبين الوزير ، وذكره بفضله فى تعريف الوزير به مع انه ليس أهلا للمصاحبة لقبح هيئته وقلة مرانته وحقارة لبسته !
وهدده ان لم يفعل أن يستوحش منه وينزل به الأذى . فأجاب الرجل وفضل أن يكون ذلك فى كتاب يشتمل ما دار بينه وبين الوزير من دقيق وجليل وحلو ومر ، فوافق أبو الوفاء ونصحه أن يتوخى الحق وأن يطنب فى مواضع الاطناب ويصرح فى مواضع التصريح. يورد القفطى فى كتابه |() أخبار الحكماء |) رأيا آخر عند ترجمته لأبى سليمان المنطقى ، فقد ذكر أن أبا سليمان كان به مرض جلدى يمنعه من مخالطة الناس ، لذا ألف له أبو حيان كتاب : الامتاع والمؤانسة ، لينقل اليه ما دار فى مجلس الوزير .
قال القفطى فى وصف الكتاب : ( هو كتاب ممتع على الحقيقة لمن له مشاركة فى فنون العلم ، فانه خاض فى كل بحر وغاص فى كل لجة ) .
وقد قسمه الى ليال فكان يدون فى كل ليلة ما دار بينه وبين الوزير ، حتى اذا انتهى المجلس كان الوزير يسأله غالبا ان يأتيه بطرفة من الطرائف يسميها : ملحة الوداع فيقول: ان الليل قد دنا من فجره ، هات ملحة الوداع . وهو يشبه ألف ليلة وليلة وشهرزاد التى تحكى حتى صياح الديك فتسكت عن الكلام المباح . كتاب دسم عظيم الفائدة ، أرشحه للقراءة لأنه وثيقة أدبية وسياسية واجتماعية وتاريخية للنصف الثانى من القرن الرابع الهجرى ، عصر بنى بويه الذين تغلبوا على الخلافة العباسية وصاروا ملوكا يديرون دفة الدولة . وفى هذا الكتاب النص الوحيد الذى كشف لنا عن مؤلفى اخوان الصفا ، وقد نقله القفطى منه .
--وهو ممن أصيبوا فى حياتهم بالبؤس وقلة الحظ ! فقد قصد الأمراء والوزراء والحكام ، يعرض عليهم أدبه وعلمه ، لعلهم يمنحونه مكافأة تغير شظف العيش الذى لازمه !لكن أحدا لم يعره التفاتا ، وعاش كما قال فى بعض كتبه على نحو أربعين درهما فى الشهر أى ما يساوى جنيها واحدا كما يقول الأستاذ أحمد أمين محقق الكتاب.
أصاب الرجل داء الاحباط القاتل ، وهو يرى من هم أقل منه يحظون بالمال والجاه !وأراد أن ينتقم من الناس ومن نفسه فأحرق كتبه كلها !وقال كأنه يدين العصر كله : انى جمعت أكثرها للناس ولطلب المثالة منهم ، ولعقد الرياضة بينهم ، ولمد الجاه عندهم ، فحرمت ذلك كله ، ولقد اضطررت بينهم بعد العشرة والمعرفة فى أوقات كثيرة الى أكل الخضر فى الصحراء ، والى التكفف الفاضح عند الخاصة والعامة ، والى بيع الدين والمروءة ، والى تعاطى الرياء بالسمعة والنفاق ، والى مالا يحسن بالحر أن يرسمه بالقلم ، ويطرح فى قلب صاحبه الألم . )
أدرك الرجل أن أحدا لا يستحق خلاصة فكره وعلمه وعبقريته ، فجعل أوراقه طعاما للنار .
قال السيوطى : ولعل النسخ الموجودة الآن من تصانيفه كتبت عنه فى حياته وخرجت من قبل حرقها .
ولم يبق فى الدنيا من كتب التوحيدى التى تبلغ العشرين ، الا القليل ، ولم يطبع منها الا :
المقابسات والصداقة والصديق ورسالة فى العلوم والامتاع والمؤانسة . ولم يكن حظ أبى حيان بعد وفاته ، بأحسن من حظه فى حياته ، فقد تعجب ياقوت الحموى فى معجم الأدباء من أن مؤرخى الرجال لم يترجموا للرجل ، مع انه فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة !
ولا توجد ترجمة وافية لحياته اللهم الا شذرات متفرقة وأخبارا لا تشفى الغليل !
أما كتاب الامتاع والمؤانسة فهو ضخم ، يقع فى ثلاثة أجزاء . ولتأليفه قصة ذكرها المؤلف فى المقدمة . فان أبا الوفاء المهندس كان صديقا لابن حيان ،وللوزير أبى عبد الله العارض ، فقرب أبو الوفاء أبا حيان من الوزير فسامره سبعا وثلاثين ليلة ، يطرح فيها الوزير أسئلة فيجيب عليها أبو حيان . ثم طلب منه أبو الوفاء أن يقص عليه كل ما دار بينه وبين الوزير ، وذكره بفضله فى تعريف الوزير به مع انه ليس أهلا للمصاحبة لقبح هيئته وقلة مرانته وحقارة لبسته !
وهدده ان لم يفعل أن يستوحش منه وينزل به الأذى . فأجاب الرجل وفضل أن يكون ذلك فى كتاب يشتمل ما دار بينه وبين الوزير من دقيق وجليل وحلو ومر ، فوافق أبو الوفاء ونصحه أن يتوخى الحق وأن يطنب فى مواضع الاطناب ويصرح فى مواضع التصريح. يورد القفطى فى كتابه |() أخبار الحكماء |) رأيا آخر عند ترجمته لأبى سليمان المنطقى ، فقد ذكر أن أبا سليمان كان به مرض جلدى يمنعه من مخالطة الناس ، لذا ألف له أبو حيان كتاب : الامتاع والمؤانسة ، لينقل اليه ما دار فى مجلس الوزير .
قال القفطى فى وصف الكتاب : ( هو كتاب ممتع على الحقيقة لمن له مشاركة فى فنون العلم ، فانه خاض فى كل بحر وغاص فى كل لجة ) .
وقد قسمه الى ليال فكان يدون فى كل ليلة ما دار بينه وبين الوزير ، حتى اذا انتهى المجلس كان الوزير يسأله غالبا ان يأتيه بطرفة من الطرائف يسميها : ملحة الوداع فيقول: ان الليل قد دنا من فجره ، هات ملحة الوداع . وهو يشبه ألف ليلة وليلة وشهرزاد التى تحكى حتى صياح الديك فتسكت عن الكلام المباح . كتاب دسم عظيم الفائدة ، أرشحه للقراءة لأنه وثيقة أدبية وسياسية واجتماعية وتاريخية للنصف الثانى من القرن الرابع الهجرى ، عصر بنى بويه الذين تغلبوا على الخلافة العباسية وصاروا ملوكا يديرون دفة الدولة . وفى هذا الكتاب النص الوحيد الذى كشف لنا عن مؤلفى اخوان الصفا ، وقد نقله القفطى منه .
مواضيع مماثلة
» قراءتى فى كتب التراث(متجدد)
» صفحة من كتاب الخيانة
» صفحة من كتاب الخيانة
» كتاب ( حياة الحيوان الكبرى )
» لماذا لم يختر أحد حنفاء العرب السابقين على محمد صلى الله عليه وسلم للنبوة ؟
» صفحة من كتاب الخيانة
» صفحة من كتاب الخيانة
» كتاب ( حياة الحيوان الكبرى )
» لماذا لم يختر أحد حنفاء العرب السابقين على محمد صلى الله عليه وسلم للنبوة ؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى