مذهب الذرات الروحية (المونادولوجيا)
صفحة 1 من اصل 1
مذهب الذرات الروحية (المونادولوجيا)
مذهب الذرات الروحية (المونادولوجيا)
ليبينتز اشتهر بأنه فيلسوف تلفيقي، يحرص على دمج المذاهب كلها في مذهب واحد!
ميدل ايست أونلاين
بقلم: سمير المنزلاوي
الانسجام بين الجسم والنفس تعبير عن الانسجام بين الكون كله!
ليبينتز، فيلسوف ومحامي ألماني، ولد في لايبزج عام 1646، وتوفي في هانوفر عام 1716.
لم ينشر الرجل في حياته سوى كتاب "الحكمة الإلهية"، أما كتاب "مذهب الذرات الروحية" أو المونادولوجيا، فقد كان في الأصل مقالا قصيرا!
وقد اشتهر ليبينتز أنه فيلسوف تلفيقي، يحرص على دمج المذاهب كلها في مذهب واحد!
والأفكار الرئيسية لكتاب مذهب الذرات الروحية، هي الاعتقاد بأن الوحدات التي يتألف منها العالم، ليست وحدات مادية! لكنها وحدات حية بكل معاني الكلمة.
واتجه في التعبير عن هذه الوحدات بكلمة "النفوس"، لكن التعبير يؤدى إلى تجاهل الفوارق بين مراتب الكائنات، حيث يتميز بعضها بالنطق والتفكير، بينما يفتقر البعض الآخر هذه الميزة.
هنا يعثر على لفظ آخر هو "الموناد" وهي كلمة يونانية، تعني الجزء الذي لا يتجزأ! وهي الذرات الحقيقية أو باختصار عناصر الأشياء.
لم تكن مقارنة ليبينتز لهذه الوحدات المكونة للعالم، وبين النفوس البشرية مجرد تشبيه!
بل هو يقصد ذلك النوع من الوجود الذي نستشعره في أنفسنا، فهو منتشر في الكون بأسره.
من هنا قال بنوع من الحياة النفسية منتشرة في نظام الطبيعة. وهي تتخذ صورا غامضة في الكائنات الدنيا، ولا ترقى إلى مرتبة الوعي الكامل، إلا في الدرجات العليا من الحياة!
ربما كان تطور علم الأحياء سببا في اعتناقه فكرة انتشار الحياة في الكون كله. فقد مكن المجهر العلماء من اكتشاف آلاف الكائنات الحية، في أجسام مادية لا حياة فيها، وهو يوضح فكرته تلك قائلا:
"ومن هنا يتضح أن هناك عالما للمخلوقات، وللأحياء والحيوانات، وللكمالات والنفوس، في أصغر أجزاء المادة".
كان لهذه الفكرة نتائج عديدة ظهرت في فلسفة ليبينتز:
• القضاء على الحد بين الموت والحياة، فصارت الأضداد حالات طارئة تتعاقب على الحالات الروحية.
• إن الأفكار البسيطة تؤدى نفس الدور المعرفي الذي تؤديه الذرات الروحية.
• فكرة الانسجام، فرغم أن الذرات الروحية فردية تماما، فإنها تعكس العالم من وجهة نظرها، إذن لا بد من انسجام بين الصفتين، هذا الانسجام مرتبط بالإرادة الإلهية.
ويرى ليبينتز أن الانسجام بين الجسم والنفس، هو تعبير عن الانسجام بين الكون كله!
وأن العالم يخلو من النقص وعدم المعقولية، ولا وجود لشيء شاذ أو خال من المعنى. وهكذا يستطيع العقل الخالص أن يدرك ما في الكون من ضرورة، ويختفي الشر، فيصبح كل شيء منظما ومعقولا. فلا خلط ولا اضطراب إلا في الظاهر فقط!
في هذا العالم الذي يسوده الانسجام، تقف النفوس في مراتب يعلو بعضها على بعض، وتحتل المرتبة العليا، الأرواح العاقلة التي هي صور الألوهية. تلك الأرواح يكون مجموعها ما يسميه ليبينتز، مدينة الله، يمدحها بعبارات شعرية:
"هذه المدينة الإلهية، وهذه المملكة الشاملة بحق، هي عالم أخلاقي في العالم الطبيعي، وهى أرفع أعمال الله وأكثرها إلوهية، وفيها يكون المجد الالهى بحق، إذ أن هذا المجد ما كان ليوجد، لو لم تكن الأرواح تدرك عظمته، وخبرته وتعجب بها، وفي هذه المدينة الإلهية تتبدى خيرية الله حقا، على حين أن حكمة الله وقدرته، تتبدى في كل شيء، وكما أثبتنا وجود انسجام كامل بين مملكتين طبيعيتين، فينبغي أن نلاحظ هنا انسجاما بين المملكة الطبيعية وبين المملكة الأخلاقية.
هذا الانسجام يجعل الأشياء تؤدى إلى اللطف الالهي بنفس مسالكها الطبيعية، بحيث ينبغي مثلا أن يدمر العالم، ويقوم بالطرق الطبيعية في اللحظات التي يقتضيها حكم الأرواح، من أجل عقوبة بعضها ومثوبة البعض الآخر!".
في النهاية يلخلص ليبينتز أفكاره فيما يلي:
"وأخيرا في هذا الحكم الكامل لا يمكن أن يكون هناك فعل صالح دون ثواب، ولا حكم فاسد دون عقاب. ولا بد أن ينتهي كل شيء لصالح الأخيار".
رابط المقال
http://www.middle-east-online.com/?id=200474
ليبينتز اشتهر بأنه فيلسوف تلفيقي، يحرص على دمج المذاهب كلها في مذهب واحد!
ميدل ايست أونلاين
بقلم: سمير المنزلاوي
الانسجام بين الجسم والنفس تعبير عن الانسجام بين الكون كله!
ليبينتز، فيلسوف ومحامي ألماني، ولد في لايبزج عام 1646، وتوفي في هانوفر عام 1716.
لم ينشر الرجل في حياته سوى كتاب "الحكمة الإلهية"، أما كتاب "مذهب الذرات الروحية" أو المونادولوجيا، فقد كان في الأصل مقالا قصيرا!
وقد اشتهر ليبينتز أنه فيلسوف تلفيقي، يحرص على دمج المذاهب كلها في مذهب واحد!
والأفكار الرئيسية لكتاب مذهب الذرات الروحية، هي الاعتقاد بأن الوحدات التي يتألف منها العالم، ليست وحدات مادية! لكنها وحدات حية بكل معاني الكلمة.
واتجه في التعبير عن هذه الوحدات بكلمة "النفوس"، لكن التعبير يؤدى إلى تجاهل الفوارق بين مراتب الكائنات، حيث يتميز بعضها بالنطق والتفكير، بينما يفتقر البعض الآخر هذه الميزة.
هنا يعثر على لفظ آخر هو "الموناد" وهي كلمة يونانية، تعني الجزء الذي لا يتجزأ! وهي الذرات الحقيقية أو باختصار عناصر الأشياء.
لم تكن مقارنة ليبينتز لهذه الوحدات المكونة للعالم، وبين النفوس البشرية مجرد تشبيه!
بل هو يقصد ذلك النوع من الوجود الذي نستشعره في أنفسنا، فهو منتشر في الكون بأسره.
من هنا قال بنوع من الحياة النفسية منتشرة في نظام الطبيعة. وهي تتخذ صورا غامضة في الكائنات الدنيا، ولا ترقى إلى مرتبة الوعي الكامل، إلا في الدرجات العليا من الحياة!
ربما كان تطور علم الأحياء سببا في اعتناقه فكرة انتشار الحياة في الكون كله. فقد مكن المجهر العلماء من اكتشاف آلاف الكائنات الحية، في أجسام مادية لا حياة فيها، وهو يوضح فكرته تلك قائلا:
"ومن هنا يتضح أن هناك عالما للمخلوقات، وللأحياء والحيوانات، وللكمالات والنفوس، في أصغر أجزاء المادة".
كان لهذه الفكرة نتائج عديدة ظهرت في فلسفة ليبينتز:
• القضاء على الحد بين الموت والحياة، فصارت الأضداد حالات طارئة تتعاقب على الحالات الروحية.
• إن الأفكار البسيطة تؤدى نفس الدور المعرفي الذي تؤديه الذرات الروحية.
• فكرة الانسجام، فرغم أن الذرات الروحية فردية تماما، فإنها تعكس العالم من وجهة نظرها، إذن لا بد من انسجام بين الصفتين، هذا الانسجام مرتبط بالإرادة الإلهية.
ويرى ليبينتز أن الانسجام بين الجسم والنفس، هو تعبير عن الانسجام بين الكون كله!
وأن العالم يخلو من النقص وعدم المعقولية، ولا وجود لشيء شاذ أو خال من المعنى. وهكذا يستطيع العقل الخالص أن يدرك ما في الكون من ضرورة، ويختفي الشر، فيصبح كل شيء منظما ومعقولا. فلا خلط ولا اضطراب إلا في الظاهر فقط!
في هذا العالم الذي يسوده الانسجام، تقف النفوس في مراتب يعلو بعضها على بعض، وتحتل المرتبة العليا، الأرواح العاقلة التي هي صور الألوهية. تلك الأرواح يكون مجموعها ما يسميه ليبينتز، مدينة الله، يمدحها بعبارات شعرية:
"هذه المدينة الإلهية، وهذه المملكة الشاملة بحق، هي عالم أخلاقي في العالم الطبيعي، وهى أرفع أعمال الله وأكثرها إلوهية، وفيها يكون المجد الالهى بحق، إذ أن هذا المجد ما كان ليوجد، لو لم تكن الأرواح تدرك عظمته، وخبرته وتعجب بها، وفي هذه المدينة الإلهية تتبدى خيرية الله حقا، على حين أن حكمة الله وقدرته، تتبدى في كل شيء، وكما أثبتنا وجود انسجام كامل بين مملكتين طبيعيتين، فينبغي أن نلاحظ هنا انسجاما بين المملكة الطبيعية وبين المملكة الأخلاقية.
هذا الانسجام يجعل الأشياء تؤدى إلى اللطف الالهي بنفس مسالكها الطبيعية، بحيث ينبغي مثلا أن يدمر العالم، ويقوم بالطرق الطبيعية في اللحظات التي يقتضيها حكم الأرواح، من أجل عقوبة بعضها ومثوبة البعض الآخر!".
في النهاية يلخلص ليبينتز أفكاره فيما يلي:
"وأخيرا في هذا الحكم الكامل لا يمكن أن يكون هناك فعل صالح دون ثواب، ولا حكم فاسد دون عقاب. ولا بد أن ينتهي كل شيء لصالح الأخيار".
رابط المقال
http://www.middle-east-online.com/?id=200474
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى