قصة جدتي تحكم العالم ليلا
صفحة 1 من اصل 1
قصة جدتي تحكم العالم ليلا
قصة جدتي تحكم العالم ليلا للأديب سمير المنزلاوى
لم أفطن إلى قيمة ما كانت جدتي تهمس به لأمي من نبوءات ، إلا بعدما جاءت كفلق الصبح يعد رحيلها بسنوات :
أفلس المعدول فعلا و باع كل ما يملك ، و دخل عمى ( الزير ) السجن في تهمة قذرة جعلت زوجته و أولاده يهجرون البلد !
و فقدت الثعلبة الفتانة عينها اليمنى في معركة حريم بالشباشب و القباقيب!.
كنت أنحشر في الوسط ضئيلا لا أفصل بينهما ، تسير الكلمات من فم جدتي فوق وجهي يحملها نفسها الطيب الذي يشبه اليد الناعمة ، وتمتلئ نفسي بصور عجيبة يخلقها الظلام.
لابد أنها تختزن القصص و التجارب و الأفكار طول العام الدراسي كأنها تذاكر مثلنا ، عندما تنتهي الامتحانات يقوم الشوق من نومه و ألح :
ماما ، متى نسافر ؟
يهب شوقها أيضا ، كبيرا أكبر عشرات المرات ، فتجهز الزيارة و يوصلنا أبى إلى المحطة لنجد أنفسنا بعد ساعات من المرجحة في (سيدي سالم).
المباهج التي تنتظرني كثيرة : الجري مع سامية ابنة خالي في الجنينة و لعب الكرة بجوار خزان المياه مع أولاد ينتظروني كل صيف و التمتع بحنان خالي عاطف و زوجته و تدليل جدتي زمزم و طعامها الشهي !
تظل همسات الليل التي تسرى فوق وجهي أعذبها رغم أن النوم كان ينتزعني أحيانا من قلبها و يلقى بي في السكون !
تسلب خلالها الأسماء و الصفات من معارفنا ، لتطلق عليهم أسماء و صفات من اختراعها و لا تكف عن التبشير كالصوفي الذي يقرأ الكون.
فأبى تسميه المعدول ، و كانت في همسها تقول إن يده مخرومة و لن يهدأ له بال حتى يشحذ على المحطة ، أما علاجه من وجهة نظر
ا فهو أن ينتف ريشه كما يفعل بالديك الفتى الذي ينط على حوائط الجيران . يشتد الهواء فوق وجهي حين تضغط الكلمات بحسرة لأمي: لو منك ، أمسك الفلوس و أعطه مصروفه كالعيل الصغير النائم وسطنا.
عمى السيد اسمه –عندها – الزير .
ذيله نجس ، يطارد النساء ، زوجته مظلومة في العيش معه ، غلبانه لا تستطيع أن تشكمه تفرج عليه خلق ربنا :
آخرته سوداء ، لن يموت بخير ، وبكره تفتكري .
جارتنا كوثر تسميها الثعلبة الفتانة:
لسانها مثل الكرباج ، من دار إلى دار توقع خلق الله في بعضهم و تخرج مثل الشعرة من العجين ،
ابعدي عنها ، لا تطلعيها على سرك و قصري رجلها عن دارك!
للعدالة كانت تذكر محاسن البعض و تثنى عليهم .
نبيلة زوجة خالي عاطف اسمها الحبوبه ، و أحيانا السنيوره ، طيبة و بنت ناس ، شبعانة و نظيفة :
عمرها ما قالت لي أف ، طلبي لا يتأخر ، أكثر من بنتي و الله .
تدعو لها من قحوف رأسها :
الله يسعدها بنت وطفه و يفرحها بأولادها.
أم مختار جارتها حتة سكرة ، أميرة لا تخرج منها العيبة ، ثلاثون عاما يسعهم الثوب الواحد ، أسرارها ووجعها معها :
: أخت و حبيبة ، ربنا يجعل يومي قبل يومها .
هناك فئة خلطت أعمالا صالحة بأخرى سيئة، تحكم عليها بكل تجرد. الحاجة نبوية أخت المرحوم زوجها كان اسمها القطربه ، لأنها أدمنت الذهاب للسحرة من أجل ربط الرجال و النساء وتهييج الضغائن و فسخ الخطوبات و تسليط المرض . الآن تابت و فتحت الراديو طول النهار على إذاعة القرآن الكريم ، وصارت توقظ لصلاة الفجر و تبكى على خطيئتها :
ربنا غفور رحيم يا بنتي ، خلاص تابت و رجعت و ندمت .
منحت البراءة كذلك لإبراهيم عبد الجواد البقال ، فرغم ذمته الواسعة و لخبطة الزبائن في الحساب و في الشكك و أيمانه الكاذبة بالله و بالطلاق عشرات السنين ترى أنه سدد ما عليه و أصبح سليما من كل عيب حيث أكل مرض السكر جسده و جعله شبحا لا يكاد القريبون منه يتعرفون عليه ، ثم سرح في رجله ليقطعها الأطباء من جذرها و يتحرك بصعوبة لعدة خطوات من البيت إلى الدكان على عكاز قبيح من الخشب!
رابط الخبر
http://www.arabfact.com/%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D8%AA%D9%8A-%D8%AA%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A7-%D9%84%D9%84%D8%A3%D8%AF/
مواضيع مماثلة
» مقال الناقد الكبير صبرى فنديل عن محموعتى ( جدتى تحكم العالم ليلا ) بمحلة مسرحنا العدد 385
» «جدتي تحكم العالم ليلًا».. وجه جديد للقرية المصرية
» «جدتي تحكم العالم ليلًا».. وجه جديد للقرية المصرية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى