عزبة سمير المنزلاوى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

السرد المحايد في رواية : لا تنس الهدهد بقلم / سميرالمنزلاوى

اذهب الى الأسفل

        السرد المحايد في رواية : لا تنس الهدهد                                                               بقلم / سميرالمنزلاوى Empty السرد المحايد في رواية : لا تنس الهدهد بقلم / سميرالمنزلاوى

مُساهمة من طرف samir elmanzlawy الأحد فبراير 07, 2016 4:02 pm



تبدأ رواية فؤاد حجازي، ( لا تنس الهدهد ) الصادرة عن روايات الهلال منذ شهور ، بصيحة عامل المصعد : البك الدكتور.
وهى الصيحة التي غيرت مزاج البطل ( ليس له اسم ) ، فقد تقدم الطبيب ودخل المصعد تاركا الزبائن ينتظرون .
وكرد فعل للغضب الغير مبرر، يفلت الولد الذي جاء ليعالجه وينقلنا إلى وصلة استرجاع طويلة ، يتخيل فيها زوجته ، وعمه الكهربائي المولع بالنساء ، ودار في خاطره أن الولد( ليس له اسم أيضا ) ورث عمه !
لا يكاد فؤاد حجازي يهتم باختيار ألفاظه ، بل يلقيها كيفما اتفق منذ البداية التي يفترض أن تكون ساخنة ومتوهجة :
(سرت كأنما أنزل على منحدر ،وفى قدمي فرملة ، تعمل على تبطئيهما حتى لا أنكفئ ، ولاح لي وجه زوجتي ، وأراني أقول لها : ها ألم أقل لك ؟ ).
سيكون ذلك النوع المحايد من السرد ، هو السائد طول الرواية ، وهو محايد بمعنى أنه لا يتفاعل مع الأحداث والشخوص والأماكن ، ولا يوصل المشاعر بحرارتها وألقها !
مجرد مفردات لا تتجانس البتة مع جاراتها ، ولا تدخل في علاقات معها ، بل تبقى كل منها في واد خاص بها .
وعلى طول الرواية لا تدب الحرارة في مكوناتها : اللغة والشخصيات والصور والأفكار والتخييل !
مما يربك القارئ ويجعله بعيدا عن الأحداث ، لا يشعر بها إلا من خلال السرد التقليدي الثقيل !
كما أن افتقار العمل كله لجماليات الكتابة ، من صور مبتكرة عميقة وغوص في ثنايا النفوس البشرية والتقاط لحظات قصصية نادرة ، جعله أشبه بمقال طويل عن الإدمان ، مما ينشر في المجلات والصحف !
ينتقل بسرعة تحسب له ، إلى بسط الأحداث ، ومأساة الولد ، فيخبرنا أنه باحث يكتب رسائل علمية مقابل أجر ، وأن الولد المدمن الهارب من الطبيب يستدين من خلق الله ، والزوجة تتوسل :
- حل موعد سداد القسط . اهتد بالله وأكمل الرسالات المطلوبة منك .
وفى محاولة للاقتراب من الولد ، وتسليط الضوء عليه لأول مرة ، نجد أنفسنا ثانية أمام الكلمات الباردة :
( كان باب حجرته مواربا ، حين تسللت إلى في الصالة كلمات أغنية أعشقها . وتعجبت لتقبله سماع عبد الوهاب وهو لم يتعد الثلاثين ، وجيله يفضل الأغنيات الحديثة التي تخلو من طرب ورومانسية ومفعمة بموسيقى صاخبة ) .

مما يلفت النظر في ثنايا الرواية ، حياد الأب أيضا ، فهو يتكلم عن ابنه كحالة ، يؤرقه فقط استدانته وشماتة الجيران عندما يعرفون قصة إدمانه !
ما عدا ذلك يعيش الأب حياته طولا وعرضا ، بل ويشغلنا بأشيائه الخاصة التي لا تضيف قيمة فنية للعمل :
( حرت في معرفة لون أقلام البيجامة . قلم في عرض الإصبع غامق ، وقلم في نصف عرضه فاتح ، وبينهما بياض . ليس أزرقين ، وليسا لبنيين ، كما نصف زرقة السماء ، لكن البائع أطلق عليها البيجامة الزرقاء وهو يناولها لي . )

وفى موضع آخر يبدو مثارا نتيجة رؤيته للأفلام الجنسية ،ويحاول تطبيقها على زوجته المنهكة والحزينة :
( حولت إلى القمر الأوربي ، ورسيت( كذا ) على قناة تبث فيلما جنسيا في هذا الموعد من كل ليلة . نهود أستشعر نعومتها ودفئها . متوسطة وصغيرة وكبيرة . بيضاء وسمراء وسوداء بدرجات مختلفة ، وأرداف مهما كان حجمها مكورة لينة)
هذت يتناقض تماما مع الصورة الراسخة عن الأب الذي يذوب حزنا من أجل ولده وانحداره إلى الدرك الأسفل !

يستمر بطل فؤاد حجازي في الحديث عن ولده ، متبرما لا يتعاطف معه اللهم إلا تذكيره يوميا بالهدهد وهو نوع من الحبوب المهدئة ، لاأدرى
علة اختياره كعنوان ؟، فيأتي الحوار مكتوما كإلقاء الطوب :
( قالت تغلوش ( كذا ) على كلامي :
- ألن تأخذه إلى الطبيب اليوم ؟
- ليس عنده شىئ ! وعندما قال لي عندي ورم في بطني ، انتهزت الفرصة وطلبت منه الكف عن الحشر(!) الذي يحشره ، وسوف تختفي هذه السمنة .
- أنت تشكو من مرة أو اثنتين ، فماذا أفعل وهو يستلمني يوميا ....)
وتستمر الرحلة بتفاصيل كثيرة حول تفتيش غرفة الولد والعثور على عقاقير مخدرة ، وحول الذهاب إلى الطبيب والوقوف في طابور الخبز ، وفى النهاية يلوم نفسه : ( وفكرت في العودة إلى أوراقي ، فالي متى أجعل نفسي رهينة لتجهم الولد ؟ )
لا غرابة في القول إذن أن رواية ، لا تنس الهدهد للروائي فؤاد حجازي ، لا يمكن أن تكون في قوة وحرارة أعماله الأولى ، خاصة رائعته : الأسرى يقيمون المتاريس .



samir elmanzlawy
Admin

المساهمات : 181
تاريخ التسجيل : 07/02/2016

https://samirelmanzlawy.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى