عزبة سمير المنزلاوى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كرامات أمى (متجدد)

اذهب الى الأسفل

كرامات أمى (متجدد) Empty كرامات أمى (متجدد)

مُساهمة من طرف samir elmanzlawy الأحد فبراير 07, 2016 11:25 pm

كرامة لأمى أصلح الله بالها :
ومن ذلك ، علاقتها بجدتى لأبى ، زمزم رحمها الله . وهى علاقة متوترة صعبة من ناحية الجدة ، يقابلها خضوع من جانب أمى ! كانت زمزم صعبة المراس ، لا يجرؤ جدى ، فضلا عن مخلوق آخر أن يعارضها !
ومما يروى عن جرأتها أنها بينما كانت تبكى مع النساء لوفاة شقيقها الحاج على ، فوجئن بها تخترق جدار الحزن ، وتندفع نحو شادر الرجال لتنحى المقرئ من فوق الدكة ، صارخة فى وجهه: - انزل ، الحاج على أخويا مكنش بيحب الخنف !.
تدير البيت بكل من فيه ، ادارة تركية ، فتتخير طعام اليوم ، وتتذوق الطبيخ ، وتمتعض لأى شائبة فى الأرض ، وتصرخ اذا صاح الدجاج من الجوع ، وتلهب الجميغ بلسانها فيسرعن الى السطح لارضائها . تتدخل فى كل شئ ، حتى العلاقة الحميمة بين أولادها وأزواجهن ، وتجبر كل واحدة أن تنام معها ثلاثة أيام فى الأسبوع حتى لا يقتلن ذكورها من كثرة الوقاع !
أمى دون زوجات أعمامى تجنبت الصدام ، فبعد الكنس والطبخ ، تلحق بمقعدها العلوى أو زنزانتها ، ولا تهبط حتى اليوم التالى !
كان أبى موظفا فى بريد دمنهور ، ويأتى يومين فى الاسبوع ، أما جدتى لأمى وأخوالى ، فيقيمون فى قرية بعيدة ، لذا تصرفت أمى كغصن وحيد ، مقطوع من شجرة !
تبكى منفردة ، ولم تكن أنجبت بعد ، ثم تنام بدموعها ، وعندما يعود أبى ، تقابله بوجه خال من الهموم ، ولا تفتح فمها بكلمة ، عما يجرى من تعذيب فى هذا المعتقل !
حدث أن موظفى البريد نظموا اضرابا ، لتحسين ظروف العمل ، وجلس أبى فى البيت شهرين .
ابتكرت جدتى خلالهما وسائل جديدة للتكدير ، فلا يسمح باضاءة لمبة فى المقعد نوفيرا للجاز ، واختصرت الوجبات الى الغداء فقط ، ولم تعد ثمة
فاكهة ، ولا شاى !
عندما وجدت أمى تتحمل ، ولا تشكو ، لم تجد بدا من اصدار قرار الطرد ، وأمرت جدى أن يبلغ به الزوجين المسكينين !
وهكذا جاءت الكارو ، وخر جت الكراكيب الصابرة ، ولأول مرة تبيت أمى فى منزل صغير خاص بها ، وان كانت لا تملكه !
الآن يمكنها أن تضحك وتثرثر مع الجارات ، وتنقى الأرز أمام الباب ، وتشعل اللمبة طول الليل ، لأنها تخاف من الظلام !
جاءت جدتى لأمى وأخوالى بحمير محملةبالأرز والغلة ، وكان بيت العائلة محرما عليهم طبقا للأوامر الزمزمية !
لم يطل الوقت ، حتى انتهى الاضراب ، وحصل أبى على أجر الشهور الماضية ، وامتلأ البيت الصغير خيرا !
ولأن القرية موصلة جيدة للأخبار ، فقد سعت التطورات اليها فى مملكتها ، فأصدرت فرمانا بعودة المطرودين .
أرسلت الى أبى ، وكان سهلا ، لينا ، فأقنعته ، لكن أمى رفضت تماما ، فبعد أن ذاقت طعم الحرية ، لم تكن لتسلم نفسها الى الاستبداد ثانية !
ولا زال رد فعل جدتى يحكى ضمن الموروث الشعبى ، فقد اندفعت الى بيتنا الجديد ، وكانت أمى تجلس مع جار اتها على المصطبة تتنفس بعمق !
خلعت جدتى الشكربين ذا النعل الخشبى الصلب وانهالت على رأس أمى ، التى لم تفعل شيئا ، سوى حماية رأسها بيديها !
حاولت بعض النساء الاعتداء على زمزم ، لكن أمى منعتهن ، واصطحبتها للداخل ، ولم تتركها تنصرف حتى تغدت وشربت الشاى !
ظلت تحكى ماحدث بقية حياتها فى ساعات صفاء الضمير ، فتقول لبناتها :
- معنديش غلاوة أم سمير ، الشكربين وقع منى ناولته لى !
وتمضى الأيام لتكمل دورتها الأزلية ، فيموت جدى ، ويستهم أعمامى وعماتى على من يأخذ جدتى عنده !
ويبدو جليا أن الجميع يشفقون من العيش معها ، ويتصورون ما قد تسببه لهم من منغصات !
تتدخل أمى بحسم وتقول : انا هاخد أمى زمزم عندى ، وهعمل لها خدامه !
وتقيم زمزم عندنا ، وتتفرغ أمى لها : تحممها وتطعمها بيديها وتغسل ملابسها بكل تجرد ، وتسندها الى الحمام .
قد رأيتها كثيرا تخلع عصابتها فيبدو شعرها الثلجى ، ثم ترفع يديها الى السماء وتدعو لنا فردا فردا ، حتى اذا وصلت الى أمى ، ترفع نبرتها ، وتكاد تبكى وهى تقول :
- ربنا يسترك ويديكى الصحة والعافية ويبارك لك فى راجلك وأولادك يا بنت عيشه !
ثم تسيل دموعها على وجنتيها المتغضنتين ! رحم الله الراحلين .


عدل سابقا من قبل samir elmanzlawy في الأحد فبراير 07, 2016 11:43 pm عدل 1 مرات

samir elmanzlawy
Admin

المساهمات : 181
تاريخ التسجيل : 07/02/2016

https://samirelmanzlawy.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كرامات أمى (متجدد) Empty بعض كرامات أمى أكرمها الله

مُساهمة من طرف samir elmanzlawy الأحد فبراير 07, 2016 11:27 pm

بعض كرامات أمى أكرمها الله :
ومن ذلك حب الجارات لها والتفافهن حولها ، كالبنات حول أمهن الرءوم !
وربما تمتد دائرة الحب بعيدا فتأتيها زائرات من كل فج عميق . فى تلك الزيارات الطويلة يستفسرن منها عن سر الطهو القديم ، لأكلات كادت تنقرض مثل الخبيزة والبصارة والمسقعة ! وعن الأخلاط المناسبة والمدة اللازمة لنضج الفسيخ ، والجبن القديم ، وطريقة صناعة المش وما يدخل فيه من البهارات والملح واللبن الرائب والعصفر !يسألنها كذلك عن أفضل الطرق لصناعة مربى النارنج والجوافة والبلح وقشر البر تقال !
بدخل فى اختصاصها - قواها الله - فجص البيض المعد للتفريخ ، فهى تمسك البيضة بين الابهام والسبابة ، وتقف فى مواجهة النافذة أمام الضوء ، ثم تنظر فى ركن البيضة بطرف عينها ، فاذا رأت علامة التخصيب على هيئة نقطة سوداء ضئيلة ، تهز رأسها ، أما اذا وجدتها رائقة ، فتعيدها لصاحبتها قائلة فى حزم : اقليها للعيال .
تكتب على غلاف النتيجة مواعيد فقس البيض لبط ودجاج واوز الجيران ، كما تكتب بداية حمل فلانة وفلانة ، لتنبهها عندما تقترب الولادة .
وفى مجال أمراض الأطفال ، فلها باع طويل ، ذكرنا مقدمة عنه فى الكرامات السابقة ، فربما اكتفت بالرقية ، أو تناولت شيئا من ذخائرها تقدمه للأم مع طريقة الاستعمال .
من مآثرها المعروفة أيضا ، مصالحة المتخاصمات مع ازواجهن ، ووعظهن بآيات وأحاديث وحكايات عن زوجات النبى والصالحين ، وعن نساء سمعت سيرتهن فى المذياع !
ورد الدين لمن تهورت فلطمت خديها ، قد يكون ذلك بسبب ر عونة الزوج أو شقاوة العيال أو تعصب وحمق الحماة ، وتعتبر من لطمت فى المنام قد لطمت فعلا ، ويجوز أن تتلو وراءها ! تحفظ صيغة رد الدين عن ظهر قلب وتؤكد ان شيخا كبيرا ذكرها فى اذاعة القرآن الكريم !
وهى ( تبت ورجعت وندمت على ما فعلت ، وعزمت فى قلبى عزما قويا ألا أعود أبدا ، أستغفر الله العظيم ، عشر مرات )
ذات يوم مرضت ، وارتقعت حرارتها ، ونامت تضع لبخة على جبينها من الخردل والشيح ، وجلست بجوارها ، فرن جرس الباب ، وحين خرجت وجدت سيدة أتت من عزبة بعيدة ، تلهث من التعب .
سألتنى عن أم سمير ، وفهمت أنها لطمت وتريد استرجاع دينها !
أشفقت على أمى وأفهمتها أنها مريضة ، فلم تتحرك وشعرت بمدى قلقها ، حيث فقدت أعز ما تملك !
لا أدرى كيف لمعت فى ذهنى تلك الفكرة الجريئة .
اننى أحفظ صيغة رد الدين من كثرة ما سمعتها ! ما المانع من ارضاء السيدة ؟
وبالفعل أجلستها فى غرفة الضيوف وبدأت أتلو بصوت مرتفع مقلدا طريقتها فى النبر والتنغيم !
لم أكد أكمل جملتين ، حتى فوجئت بأمى تقتحم الغرفة ، مستندة على عصاها ، وتقول بصوت مريض لكنه غاضب :
- هوا أنا بروح المدرسه ، وأدخل الحصة بدالك ؟

samir elmanzlawy
Admin

المساهمات : 181
تاريخ التسجيل : 07/02/2016

https://samirelmanzlawy.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كرامات أمى (متجدد) Empty من كرامات أمى متعها الله بالصحة :

مُساهمة من طرف samir elmanzlawy الأحد فبراير 07, 2016 11:31 pm

من كرامات أمى متعها الله بالصحة :
ومن ذلك أنها كانت تداوينا ابان طفولتنا بالمواد الطبيعية ، وتكرر أن الأدوية المخلقة كيميائيا ، تغير طبيعة الجسم وتضعفه !
العجيب أننى وأختى كنا نشفى بسرعة ، ولم تكن تصغى لالحاح أبى أن بذهب بنا الى الطبيب !
كان الماء بالملح علاجا للصداع ، تميلنا ثم يقطر بالقطارة فى الأذن ، وبعد دقيقة واحدة نشعر به يصدر صوتا عاليا كصوت البحر، نسكبه ساخنا يكاد يلسع .
والششم الأبيض علاج أمراض العين المختلفة ، النعناع المغلى ومسحوق
قشور الر مان للمغص ، والكركم للسخونة ، والسكر النبات لاحتقان الزور ، والليمون للاسهال ، وشربة زيت الخروع ، للامساك ، ومسحوق قشور البطيخ لدود الأمعاء ، والقرنقل لألم الأسنان واللثة !ووضع القدمين فى الماء الساخن للزكام !
عندما كبرنا ، أصبنا بالوسوسة ، وسيطر علينا الطب والتقدم العلمى ، فهجرنا صيدليتها العامرة ، المتناثرة تحت وسادتها وفوق الرفوف، وفى أحقاق مختلفة الأحجام والألوان !وحين يمرض أحد أفراد الأسرة نهرع الى الأطباء ، فتتهكم بهدوء قائلة : هيديكم مضاد حيوى يعطل المناعة !
تظل هى مر تبطة بتراثها ، وترفض بحزم أن يأتيها طبيب ، حتى بعد أن تخرجت ساره ابنتى فى كلية الطب ، لا تطيعها فى قياس الضغط والحرارة ، وتجذب شيئا من أحقاقها فتسفه مرددة : بسم الله الشافى المعافى. وتشفى على الفور !
ولعل القارئ العزيز يتساءل عن مصدر هذه العقاقير الخاصة ، فالحاج سيد الرشيدى يأتيها كل أسبوع معوضا ما نفد ، وهو يقف تحت نافذتها وينادى : ياحاجه أم سمير .
فتقف على سريرها وتتناول منه ذخائرها ، ثم تنظمها فى الأحقاق ، وتجلس راضية مبتسمة . ذات يوم عزمت على بيع البيت ، حيث راودنى حلم منذ فترة طويلة أن أمتلك بيتا بحديقة واسعة . ولما كاشفتها انخرطت فى البكاء ، واحتويتها فزعا : مالك يا أم سمير ؟
قالت من خلال دموعها : هتودينى فين ؟ ولما السيد يجى ينادى عليا
مين يرد عليه ؟
بارك الله فيك يأغلى الناس ، وأبقى بركتك وحنانك ، يغطيان البيت والشارع بل والقرية كلها .

samir elmanzlawy
Admin

المساهمات : 181
تاريخ التسجيل : 07/02/2016

https://samirelmanzlawy.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كرامات أمى (متجدد) Empty كر امة لأمى عافاها الله :

مُساهمة من طرف samir elmanzlawy الأحد فبراير 07, 2016 11:32 pm

كر امة لأمى عافاها الله :
ومن ذلك أن الله استجاب دعاءها بأن يحبب فى خلقه ، حتى الحصى فى أرضه !
فقد كنا نقيم أمسيات وندوات فى بيت الثقافة ، ابان ولاية الأخ المستنير شريف قاقه . كان يحضرها جميعها رئيس المدينة المرحوم المهندس حمدى حجازى . هذا الرجل العاشق للأدب والثقافة ، جذبته نحوى دعوة أمى المتكررة ، فأعجب بأعمالى واتخذنى صديقا . كم جلست فى مكتبه أحدثه عن الكتب التى قرأتها ، وهو منبهر لا يحول عينيه الذكيتين عنى ! قال لى مرة : أنا أحسدك ، ليتنى كنت أديبا مثلك !
حين تنشر احدى الصحف قصة لى ، يستدعينى على الفور ، ويقدمنى لزواره من رجال النيابة والشرطة وكبار الموظفين ورجال الأعمال . صار هؤلاء يعرفوننى ، ويبتسمون ملوحين حين يقابلونى ، فاذا تصادف وقصدت احدى المصالح ، أجد أحدهم على رأسها ، ويهب مستقبلا اياى بترحيب حار ، صائحا أمام الجماهير : أهلا بالأديب الكبير !
ذات يوم قال لى المهندس حجازى : لماذا لا تجمع أعمالك فى كتاب ؟
خفضت رأسى ، ونظرت الى الأرض ، فأدرك ما أفكر فيه وقال على الفور : اكتب طلبا لنشر مجموعة قصص باسم رئيس جمعية استصلاح الأراضى ، وكان هو رئيسها أيضا .
ارتعشت يدى ، وكتبت أغرب طلب يمكن لأديب كتابته :
السيد رئيس جمعية استصلاح الأراضى بمطوبس ، أرجو التكرم بالموافقة على نشر مجموعتى القصصية ( اللافتات ) ولسيادتكم جزيل الشكر .
وأشر بقلمه الأخضر : يصرف له مبلغ .... لطباعة مجموعته القصصيه ، لأنه ظاهرة جديدة فى المركز ! واندهش المسئول المالى ، متسائلا : ماذا أكتب فى تسوية المبلغ ؟
وتسارعت الأمور بطريقة عجيبة ، وصارت اللافتات حقيقة واقعة ، تحمل فى صدرها اهداء : الى المهندس الأديب حمدى محمد حجازى ، تحية لدوره فى نشر المجموعة .
حملتها اليه ، ففرح أكثر منى ، ولما زرته بعد أيام ناقشنى فى كل قصة !
فى تلك الأيام ، حصل الكثيرون على أرض زراعية بالتقسيط المريح من الجمعية ، وكنت أرى الزوار يأتون من بلاد بعيدة، ليخرجوا ملاكا لمساحات واسعة . راودتنى نفسى أن أطلب سهما ، لكن أمى حذرتنى :
متبقاش طماع ، وان كان حبيبك عسل !
ودفنت رغبتى فى أعماقى ، ومرت الأيام ، حتى مرض المهندس حمدى ذات يوم وامتنع عن الذهاب الى العمل .
وحين ذهبت لزيارته ، وجدته يتألم بشدة وقد خسر الكثير من وزنه ، واعتصرنى الألم !
اعتصمت بالصمت والقلق ، لكنه فاجأنى بقوله : انت بعت سهمك بكام يا سمير ؟
واندفعت أقول : أنا مخدتش سهم يا ريس ؟
امتلأ وجهه بالدهشة ، وغمغم بعدة كلمات تفيد صدمته ، حيث تصور أنه أعطانى أرضا منذ وقت طويل !
نادى على معاونه ، وهمس فى أذنه بكلمات ، ثم قال لى : بكره تروح الجمعيه وتدفع مقدم السهم !
عشنا ليلة من البهجة فى بيتنا ، وبكت أمى كعادتها حين تفرح ، ورفعت يديها تدعو للرجل !
عندما ذهبت اتسلم الأرض ، كنت اول فرد فى عائلتى يتملك قطعة من لحم الوطن ، ربما منذ أجيال ! ووجدتنى جار ا لوزراء ولواءات شرطة ، وأساتذة جامعات وصحفيين ، تعرفت عليهم جميعا !
لازلت رغم مضى السنين ، أذكر هذا الرجل الذى ظلت صلتى به قائمة بعد احالته للمعاش ، فقد ترددت عليه كثيرا فى شقته بميامى بالاسكندرية ، وكان متابعا لأعمالى وأخبارى ، وكذلك نجلاه الحبيبان : أحمد ومحمود . المرة الأخيرة التى رأيته فيها ، كان يستعد للذهاب الى المستشفى ليخضع للغسيل الكلوى ! حزنت حزنا شديدا وأنا أحدق فى العينين الذكيتين ، الممتلئتين بالخوف والأسى ! جاءت النهاية سريعة ليغيب الموت نبيلا من النبلاء الذين دعت أمى ربها أن يحبونى .

samir elmanzlawy
Admin

المساهمات : 181
تاريخ التسجيل : 07/02/2016

https://samirelmanzlawy.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كرامات أمى (متجدد) Empty احدى كرامات أمى أطال الله بقاءها

مُساهمة من طرف samir elmanzlawy الأحد فبراير 07, 2016 11:36 pm

احدى كرامات أمى أطال الله بقاءها :
ومن ذلك أننى مررت عليها ذات صباح قبل التوجه الى عملى ، فقالت من خلال ابتسامتها المحملة بالحكمة والحنان :
- سمعت فى الراديو عن مسابقة فى القصة وجايزتها ألف جنيه .
كنا فى مطلع الثمانينات ، والألف جنيه مبلغ ترنو اليه الأبصار !
لما استفسرت منها عن طبيعة وجهة المسابقة ، أفهمتنى أنها عن قصة تعالج فكرة تنظيم الأسرة ، وانها كتبت العنوان الذى ترسل اليه ، وموعد الارسال وظهور النتيجة !
قلت لها بطيش أديب شاب ، ممتلئ بالحماسة : - معرفش اكتب عن شئ محدد ؟ كده هيكون موضوع تعبير ، مش قصة !
عادت الابتسامة الحكيمة الحانية ، وقالت بهدوء وثقة كمن يقرأ المستقبل :
- اكتب قصة فلان زميلك !
أضيئت ورشة الابداع التى كانت مغلقة ، وومضت بمئات الأفكار والمسارات فى لحظة واحدة . فلان هذا ترك المدرسة وتزوج ، ثم أنجب خمسة ، وعندما تزوجت أنا ، كانت زوجته قد انهكت وتزوج بأخرى ، لينجب ثلاثة أبناء !
رددت عليها بايماءة ، وانصرفت ، والقصة تتكون بداخلى . أشعر بها نقطة صغيرة ، تنمو كلما تقدم النهار ، حتى عدت وقد صارت واقعا ، يحتاج فقط الى لمسات واضافات .
فى المساء جلست معها ، وحدثتها عما أشعر به ، ووضعت أمامها الخيوط العريضة ، فشجعتنى ، ودعت لى بحرارة .
لم تمض أيام حتى ولدت القصة ، وأصبحت ثمانيى صفحات مرتبطة بدبوس !
أذكر أننى قرأتها لها بعد صلاة الجمعة ، فأعجبتها ، وأمسكت الأوراق ترقيها ، كما تفعل معى !
أرسلتها الى الجهة المنظمة ، ومر نحو شهر ، نسيت فيه الأمر كله ! لكن موظف البريد نادانى وسلمنى خطابا ، عليه رمز تلك الجهة !
قبل أن أفتح الخطاب ، تساءلت : لم يحن موعد اعلان النتيجة بعد ، فماذا يحوى الخطاب ؟
وكانت كلماته تحمل مفاجأة : السيد ... نشكركم للمشاركة ، لكنكم لم تتبعوا اجراءات المسابقة ، وهى ارفاق حوالة بمبلغ خمسة جنيهات رسوم الاشتراك !
هرولت نحو حجرة أمى ، كان الراديو على أذنها تسمع نادية صالح فى مكتبة فلان ، بادرتنى : - تعال اسمع ، ناديه صالح فى مكتبة صلاح عبد الصبور !
لم أستطع اخفاء انزعاجى ، قالت : - مالك ؟
قدمت لها الخطاب ، فتغير وجهها ، وبدت كمن يشعر بالذنب : - والله يا ابنى ما سمعت حكاية الرسوم دى ؟
ابتسمت ، وهونت عليها قائلا : مفيش نصيب !
ووجدتها تتجلى ، كما تفعل فى المواقف الصعبة هاتفة : - مكنش فى واحد ابن حلال يدفعهم لك ؟
وضحكت بصوت عال !
مر الوقت ، ولكن الموقف لم يختف من عقلى ، كنت أشعر أن له بقية ، وبالفعل ، جاءت البقية بعد شهر ، خطاب آخر يحمل نفس الرمز !
السيد ..... يسر .... ان تهنئكم بفوز قصتكم .... بالمركز الأول ، ويسرنا حضوركم لتسلم الجائزة يوم .... بمقر ....
احتضنتها قائلا من خلال دموعى : فزت يا أمى .
وبكت كثيرا بصمت ونورانية ، ثم قالت : دعيت لك كتير ! كنت مستخسره القصة !
وفى اليوم الموعود ، ارتديت بدلة فرحى ، واستدعيت صديقا يربط لى ربطة العنق ، وذهبت الى القاهرة الواسعة . كنت أريد أن أخبر المارة بما حدث ، لكننى كتمت انبهارى وانفعالى ، فكنت أنتفض .
فى الحفل دخلت فى زحام شديد ، وجلست منكمشا ، حتى نودى فى مكبر الصوت على الفائزين ليوقعوا قبل تسلم الجوائز . فى تلك الحظة التى مددت يدى لأوقع ، وجدت يدا توقفنى ، وعينين ترمقانى بدهشة : سمير المنزلاوى ؟
قلت بسرعة : نعم !
خفت ان يكون ثمة خطأ ، وان قصتى لم تفز ، لكن الرجل الأنيق الهادئ ، واجهنى بابتسامة ود واسعة ، وقال : - هات خمسه جنيه ؟
نظرت اليه حائرا ، فعاد يضحك وقال : - قصتك استبعدت عشان الرسوم ، لكن انا قريتها وعجبتنى جدا ، فدفعت لك !
امتدت يدى الى جيبى تلقائيا ، لكنه منعها وقال : أتا بضحك معاك ، دى هدية من معجب ، وان شاء الله هتابع أعمالك ودا الكارت بتاعى .
بعد انتهاء المراسم ، خرجت الى الشارع ، وصوت أمى يغطى على أصوات البشر وأبواق السيارات : مكنش فى واحد ابن حلال يدفعهم لك ؟

samir elmanzlawy
Admin

المساهمات : 181
تاريخ التسجيل : 07/02/2016

https://samirelmanzlawy.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كرامات أمى (متجدد) Empty أمـــــــــــى

مُساهمة من طرف samir elmanzlawy الأحد فبراير 07, 2016 11:38 pm

أمى - رغم تقدمها فى السن - ، لا زالت تملك وعيا عاليا ، يضيف لى الكثير ، ويطفئ حرائق تشتعل فى نفسى تكاد تدمرها ! ذات مرة كنت أنتظر صدور روايتى ( موسم الرياح ) فى سلسلة أصوات أدبية التى كان يشرف عليها الروائى الكبير محمد البساطى . فوجئت بأخى القاص شحاته العريان مدير التحرير آنئذ ، يتصل ليخبرنى أن الرواية ضاعت من المطبعة ، ولا بد من نسخة أخرى فورا ! ما أسهل أن أنخرط فى البكاء ، حين أفقد الحيلة ! يكون النشيج على حجر أمى حبيبتى ! وتولد ابتسامتها وسط المحنة ، ويأتى صوتها كالماء العذب البارد لانسان ضل فى الصحراء ، وتشقق حلقه من العطش ! قالت وهى ترقينى وتمسد جسدى كالمعجزة :
- مش انت مدرس انجليزى قد الدنيا وليك مرتب ؟ الكتابه دى هوايه ؟ يعنى ميصحش تزعلك ، قوم اكتب ، وانا معاك للصبح .
فتحت مذياعها الصغير ، الذى استمعت فيه الى نجيب محفوظ ذات ليلة يذكرنى ويمدح قصة لى نشرت فى ابداع القديمة ، أيام الدكتور القط رحمه الله . كان الراديو يذيع أغنية : ر ق الحبيب ! ونهضت أبحث عن أوراق متناثرة للر واية ، وصممت أن أكتبها كأنها جديدة لم تولد بعد .
وحدت الأحداث تتراقص أمامى ومثلها معها ، وشعرت بمتعة حقيقية أنستنى كل ما حولى . كانت الساعة قد جاوزت الواحدة ، ويد أمى لا زالت ترقينى فى طقس لا يتوقف ، ولا يعرف التعب . بعد قليل رن الهاتف ، وردت هى ، ثم أعطتنى المسماع مبتهجة ، كان أحد موظفى المطبعة يبشرنى بالعثور على الرواية ، وبأن العجلات دارت فعلا لتطبعها ! كانت احدى كرامات أمى التى دائما تحول المحن الى مباهج ، ولا زالت ثمة كرامات أخرى ، سوف أثبتها تباعا ، متعها الله بالصحة والعافية وأدام ظلها الظليل فى بيتنا ، وكل عام وانتم بخير .

samir elmanzlawy
Admin

المساهمات : 181
تاريخ التسجيل : 07/02/2016

https://samirelmanzlawy.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى