الديكتاتور الصغير
صفحة 1 من اصل 1
الديكتاتور الصغير
لا أحد يجهل استبداد وظلم ودكتاتورية الحجاج بن يوسف الثقفي!
فقد استفاضت المصادر في ذكر فظائعه، من قتل وسجن، إلى درجة أنه حاول هدم الكعبة!
لكن أحدًا لم يهتم بموقفه المخزى، الذي أثبت أنه مجرد واجهة لديكتاتور كبير، اسمه الخليفة عبد الملك بن مروان.
بدأ هذا الموقف بزواج الحجاج من إحدى جميلات العرب، هند بنت النعمان. يقال إنه بذل مبلغًا ضخمًا من المال، ليجعلها ترضى به!
ويسوق الرواة قصة ضعيفة لطلاقها منه، فيروى أنه سمعها يومًا تنظر في المرآة محدثة نفسها بأبيات تقول:
وما هند إلا مهرة عربية.. سليلة أفراس تحللها بغل
فان ولدت مهرا فلله درها.. وأن ولدت بغلا فجاء به البغل
لكن الراجح أن سلاطة لسانه، وسرعة غضبه، لم يعجب الزوجة الحسناء!
في لحظة انفعال، تطاولت عليه، فطلقها فورًا.
يبدو أن الخليفة عبد الملك، كان يعرفها، ويعجب بجمالها. لا يستبعد أن يكون ذلك سببًا في جرأتها على الحجاج، واستهانتها به.
مما يؤكد هذا الرأي، أنه أرسل يخطبها، فتدللت، وبالغت في إهانة الرجل القوى الذي يفزع الناس منه، وتتوقف مصائرهم على إشارة من يده!.
أرسلت كتابًا إلى الخليفة تقول فيه: - اعلم يا أمير المؤمنين، أن الكلب ولغ في الإناء.
ضحك من قولها، وأرسل لها يقول: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات، إحداهن بالتراب .
لم تستطع الرفض، وكيف ترفض الاقتران بالرأس الكبير؟ لمعت في ذهنها فكرة، تحطم بها كرامة الحجاج، اشترطت أن يسحب جملها حافيًا حتى قصر الخليفة!
هنا نتوقف، لنعرف: كيف سيتصرف؟ هل يوافق، ويجعل من نفسه أضحوكة؟ هل يغامر بكرامته وصرامته وجبروته؟ الغريب، أنه وافق ببساطة ! لأنه مجرد دمية للدكتاتور الكبير، يختفي وراءها، ويحركها بأصابعه.
يضبط التاريخ أكبر سفاح، في وضع حقير، يسحب الجمل الذي تجلس فوقه زوجته السابقة.
وطوال الطريق، كانت هند تضحك وتغنى، والناس يتفرجون بدهشة، غير مصدقين أعينهم .
لما اقتربوا من القصر، ألقت دينارًا، و أمرته: يا جَمّال ، وقع منى درهم ! انحنى ، ثم قدمه لها قائلًا: إنه دينار وليس درهما.
قالت ساخرة: الحمد لله الذي أبدلنا بالدرهم دينارًا.
تصل إلى الخليفة، فينشغل بها ولا يكلف خاطره شكر من أحضرها. وينسى ما فعله من أجله، ومن أجل تدعيم أسس ملكه!
هكذا ظهر الحجاج في حجمه الحقيقي، وضحى به الخليفة لإرضاء امرأة جميلة، لأنها أفضل لديه بكثير من ديكتاتور صغير يمكن صنع آلاف مثله!
الرابط
http://www.itfarrag.com/Articles/Details/18768#.VLU7YYi5d3A.facebook
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى