حادثة الهجرة
صفحة 1 من اصل 1
حادثة الهجرة
تلقى حادثة الهجرة ضوءا قويا على جانب المبادرة فى فكر النبى صلى الله عليه وسلم . أعنى بها القدرة على الانجاز الشخصى بعيدا عن المساعدة الالهية المباشرة . وقد سبقت تلك المبادرة فى مواقف عدة ،وأحسب أنها كانت سببا رئيسيا فى اختياره صلى الله عليه وسلم للرسالة . فكيف لرجل واحد بصحبته خادمه ، أن يقيم فى الطائف معقل الرأسمالية القرشية شهرا ، لينشر تعاليمه ويبشر بتحرير الطبقة الكادحة فى معاصر الزيتون وحدائق الكروم والنخيل ومصانع السيوف ؟ صحيح أنه طرد وضرب ، لكنه هز عروش الاباطرة وأقض مضاجعهم ، وترك بذرة التساؤل تنمو فى عقول المستضعفين ، حتى نمت وهدمت عروش الظلم والطغيان . هو الذى لم يكن ينتظر مذكرات تفسيرية من ربه ، بل كان يتلقف الأمر الاجمالى ، ويبدع فى تنفيذه ، وكان ربه يعرف قدر موهبته ، فيمنحه مساحة من الحرية فى التصرف . فمنذ الأمر بالجهر ، تجلت تلك المقدرة ، فجاء الاذن الالهى مجملا ، شديد التركيز : وأنذر عشيرتك الأقربين . كان مطلوبا ان يقال له كيف ؟ وبمن يبدأ ؟ وما هى المخاطر ؟ ومن سيستجيب ؟ ومن سيرفض ؟ لم يصله شئ من ذلك ، ولم يسأل أو يستفسر أو يبدى قلقه ، أو يطلب مساعدة كما فعل موسى !تصرف بموهبته وبرؤيته ! وهكذا كانت الهجرة . حادثة كبرى ، يمكن ان تكون نصرا ، ويمكن ان تكون هزيمة محققة . لم يخف عندما قرر ، ولم يطلب براقا كالذى جاءه فى الاسر اء ، وكان فى أمس الحاجة اليه . انطلق على قدميه ، وقطع مسافة شاسعة ، وتحدى الخطر ، ودخل مدينة يسيطر عليها اليهود ، أصحاب الكتاب والمال والقوة . صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم وكل عام انتم بخير.
رد: حادثة الهجرة
لم تكن هجرة النبى صلى الله عليه وسلم هروبا ، ولا يأسا ، لكنها كانت انتقالا الى موقع متقدم ، تحاك فيه المؤامرات ، وتصدر جاهزة الى مكة . هذا الموقع هو بثرب ، معقل اليهود ، الخطر الأعظم على الدولة الاسلامية الناشئة . فالقرشيون كانت عداوتهم صريحة ساذجة ، يمكن التعامل معها ، لكن الأمر تطور بدخول اليهود الى الحلبة . ـأصبحوا بتسللون الى دار الندوة ، ليحكموا الخطط ، وينفثوا السموم ! هنا كان لابد للقائد ، أن ينتقل مرحليا الى بؤرة الارهاب ، ليكون على مقربة من أباطرته ، وليهدم خططهم فى مهدها . كانت نقلة نوعية هائلة . حولت الاسلام من عقيدة الى أسلوب حياة . واستطاع النبى صلى الله عليه وسلم أن يتعامل مع اليهود الموتورين بالسياسة ، فلما أصروا على الكيد والدسيسة ، ونقض العهود ، حاصرهم ، و أخرجهم ، وشتت شملهم ، قلم تقم لهم قائمة . وهكذا كانت الهجرة ، أول مسمار فى نعش الخطر اليهودى ، وأول لبنة فى بناء الدولة العربية الاسلامية ، وظلت درسا فى التكتيك والاستراتيجية . صلى الله على محمد ، صلى الله عليه وسلم . وكل عام وانتم بخير .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى